أشاد خبراء اقتصاديون بمضامين حديث جلالة الملك لـ» بترا « الاحد الماضي ، وأشاروا في حديث لـ» الدستور « الى المحاورالاقتصادية التي تضمنها الحديث مؤكدين أن توجيهات الملك تمثل خطة عمل متكاملة للنهوض بالاقتصاد الوطني .
وأكدوا على ضرورة مأسسة التشاركية بين القطاعين العام والخاص لجلب الاستثمارات ، وضرورة ترجمة الحكومة لتوجيهات جلالة الملك وتحويلها لواقع ملموس .
وأشادوا بصناعتنا الدوائية والغذائية مشيرين الى انها قادرة على المساهمة في رفع معدلات النمو.
الدكتور اكرم كرمول
قال الخبير الاقتصادي / رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستثمر الدكتور اكرم كرمول ان مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع وكالة الأنباء الاردنية « بترا» حملت في طياتها مضامين وابعادا اقتصادية مهمة، مشيرا ان جلالته ركز على هذه الابعاد والمضامين في اكثر من مناسبة وفي كتب التكليف للحكومات المتعاقبة حيث ان الهم الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة المواطنين ومحاربة الفقر والبطالة والواسطة وتشجيع الاستثمار المحلي وتوطينه والعمل على جذب استثمارات جديدة هي احد اهم ركائز نهوض المجتمع وتقدمه.
واضاف ان على الحكومة ان تترجم المضامين التي تحدث بها جلالته وذلك من خلال مؤشرات اداء واضحة مرتبطة بخطط وبرامج قابلة للتطبيق على ارض الواقع وبما يعود بالنفع والفائدة على الوطن والمواطن لنتجاوز الازمة الراهنة بأقل الخسائر.
ولفت ان على الحكومة العمل مع القطاع الخاص انسجاما مع التشاركية بين القطاعين العام والخاص وذلك لتسهيل جلب الاستثمارات والعمل على إيجاد تشريعات ذات مرونة كبيرة بحيث تنعكس ايجابا بتوفير فرص عمل للشباب وخاصة في المناطق النائية والأرياف، مشيرا الى اهمية تفعيل القوانين المختلفة الناظمة للحياة الاقتصادية، وبما يوسع قاعدة الطبقة الوسطى كونها صمام الامان في المجتمع الاردني.
وقال كرمول ان على الحكومة العمل على التقليل من الإجراءات والتعقيدات الادارية والقانونية التي من شانها اعاقة عمل الاستثمار والمستثمرين، كما ان على الحكومة توحيد المرجعيات وتسهيل إجراءات التراخيص بحيث يتمكن المستثمر من انجاز معاملاته بسرعة ودون الحاجة للجوء إلى الواسطاة لغايات ذلك.
واضاف قائلا « نامل من الحكومة تخفيض نسب الضرائب والرسوم الجمركية التي تفرض على بعض القطاعات وخاصة الموفرة لفرص عمل للشباب في المناطق النائية والاكثر فقرا وتقديم مزيد من التسهيلات للمستثمرين في المحافظات البعيدة عن العاصمة عمان سواء اكانت تسهيلات مادية او معنوية او اراض أميرية ملك للدولة وذلك لغايات استغلالها وبما يعود بالنفع والفائدة على الوطن والمواطن في تلك المناطق وينعكس ايجابا على الاقتصاد الوطني وعجلة التنمية.
الدكتور بلال خلف السكارنه :
قال الدكتور بلال خلف السكارنه عميد كلية الاعمال / جامعة الاسراء ان اللقاء الملكي مع وكالة بترا الأردنية جاء ليرسم خارطة الطريق لكافة المسارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والاصلاح الاداري لتنهض الحكومة لوضع الخطط والبرامج المستقبلية لتحقيق ما تصبو اليه التطلعات الملكية في توجيه الاقتصاد الوطني نحو بناء وتعزيز الاستثمارات المحلية لتساهم في رفع النمو الاقتصادي بعد ما تعرض اليه من ارباك بسبب جائحة كورونا ودورها السلبي على الاقتصاد الوطني وزيادة الضغوط على ذوي الدخل المحدود والمتدني ، لما ترتب عليهم من اعباء نتيجة توقف وتعطيل اعمالهم لفترة طويلة بسبب الجائحة والذي تبلور بدوره من ضغوط على الحكومة بتوفير دخل لهم او تخفيف الاعباء الضريبية عليهم ، مما ادى الى تخفيف حدة وخطورة جائحة الكورونا عليهم
ومن هنا لابد على الحكومة ان تسعى جاهدة لاعادة النظر بالسياسات الاقتصادية والمالية والائتمانية التي تساهم في دفع عجلة الاقتراض من قبل اصحاب المشاريع الصغيرة خاصة المتعلقة بالصناعات الغذائيه والدوائية والشراكة ما بين القطاع العام والخاص لدفع عجلة السيولة النقدية وتحريك السوق والنمو الاقتصادي وخلق فرص استثمار وتقليل البطالة وتشغيل الشباب في هذه القطاعات من اجل تحسين الاوضاع الاقتصادية للاسر متوسطة الدخل.
وكذلك على الحكومة ان تعيد النظر بسياسات الاصلاح الاداري ووضع اليات جديدة تساهم في الحد من الترهل في اداء المؤسسات الحكومية وخاصة التي تتعلق بالاستثمار من اجل تنشيط الحركة الاقتصادية سواء من المستثمر الاجنبي او المحلي والتي تساهم في انعاش الاقتصاد الوطني وزيادة نسبة الصادرات الوطنية والذي بدوره يعزز من مكتسبات وزيادة العملات الاجنبية ذات الاثر المباشر على ايرادات الدولة وتحسين النمو الاقتصادي
حسام عايش
وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش أن جلالة الملك عبد الله الثاني يوجه باستمرار نحو بناء الاردن النموذج؛ الذي يتوفر على كل متطلبات الحياة الكريمة الامنة لمواطنيه، بما يؤسس لبناء وطن قادر على التعامل مع التحديات بروح الابتكار والابداع والتفوق، لتحقيق الاهداف الوطنية العليا التي يظل مضمونها ومحورها وغايتها الانسان الاردني.
بهذه الكيفية وانطلاقا منها؛ حرص جلالة الملك وطوال فترة المواجهة المستمرة مع فايروس كورونا ان يكون قريبا من شعبه، يوجه، ويشارك، ويقود المعركة المستمرة مع هذا الفيروس؛ لتقليل اثاره الصحية والاقتصادية والاجتماعية على المواطن؛ وعلى القطاعات المختلفة؛ وهو يشير الى ضرورة الموازنة بين الصحة والاقتصاد، والربط بينهما، لانهما وجهان لعملة واحدة هي المواجهة الناجحة مع الفايروس.
لذلك، وبفعل التجربة المكتسبة، والخبرات المتراكمة من هذه المواجهة، يجب ان تظل الموازنة بين الامرين مستمرة، ما يستدعي سياسات وافكار تراعي تلك الموازنة، وتنتج واقعا ايجابيا على طريق التكيف مع الفايروس صحيا واقتصاديا، لاستيعاب تاثيراته والبناء عليها لفتح القطاعات سواء المغلقة او المتضررة ، بما يسمح بحماية الاقتصاد الوطني باعتباره حماية للعاملين في منشاته وشركاته ومصانعه، ويحافظ على الصحة العامة باعتبار ذلك استثمارا في التعافي الاقتصادي المنشود واختصارا لوقت الوصول اليه.
اكثر من ذلك، الشعوب الحية قادرة على الابداع والابتكار والتفوق في ظل ظروفها التي يفترض ان تكون دافعا لها للبحث عن حل للمشكلات والتحديات؛ لا التذرع بها لتبرير التقصير او الفشل في ذلك، وهو ما يستتبع بالضرورة البحث عن الوجه الاخر للتحديات لتحويلها الى فرص، صحيح ان الامر ليس سهلا؛ لكنه المعيار الحقيقي للتميز عن الاخرين، فالانشغال بالتحدي باعتباره مشكلة يستعصي حلها يعني الاستسلام امامها، وهو استسلام مكلف اقتصاديا واجتماعيا ومعيشيا، فتزداد الاعباء، وتتراجع الروح المعنوية، ويسود التكاسل والجمود، وعندها لا تنفع لا خطط التنمية، والاستثمارات، ولا زيادة الرواتب والاجور؛ في تحسين شروط حياتنا.
هنا، يذكر جلالة الملك باستمرار، ان لدينا صناعة دوائية متميزة، وصادرات الاردن من الادوية للاسواق العربية والعالمية- بلغت في 2019 ما يقارب 440 مليون دينار، حيث تستحوذ على نحو 9% من إجمالي الصادرات الوطنية، ووصلت الى نحو 90 دولة حول العالم – تعكس جدارة الدواء الاردني في تلك الاسواق، فلماذا لا نستغل ذلك في الظروف الصحية السائدة ليكون الدواء الاردني، او حتى اللقاح الاردني ان امكن، احد الاسماء اللامعة في سماء الادوية واللقاحات المستخدمة للشفاء من الفايروس، لماذا لا نستثمر كل امكانياتنا الصيدلانية في الجامعات والمختبرات والمستشفيات، وامكانيات اطبائنا، وشركتنا الدوائية لتصنيع لقاح، او المشاركة في هذا التصنيع، او تقديم معلومات دوائية يمكن ان تطور اللقاحات المصنعة خصوصا مع تحور الفايروس وحاجته لمزيد من المواجهة معه لقاحا ودواء.
ايضا، فان الامر ينسحب على الصناعات الغذائية- التي تصل الى 130 دولة ويزيد حجم الإنتاج القائم فيها على 5ر4 مليار دينار، وتشكل نحو ربع الإنتاج الصناعي الكلي في البلاد، وبرؤوس أموال مسجلة تبلغ 963 مليون دينار – فالاردن قادر على تطوير زراعة تستهلك ماء اقل بانتاجية اعلى من جهة، لاستخدام المنتجات الزراعية لزيادة حجم وتنوع الصناعة الغذائية لتكون اكثر تكاملا وهو يملك قاعدة صناعية غذائية تفوق في حالتها الراهنة ما هو موجود في كثير من الدول الاخرى؛ خصوصا وان للمنتجات الاردنية صورة ذهنية ايجابية في الاسواق التي تصل اليها، وهو ما يجب ليس فقط استغلاله بل رفده بمزيد من التنوع الانتاجي وبالذات الغذائي، الذي تحول بعد كورنا الى جانب انتاج القطاع الصحي ليكون في اعلى سلم الاولويات التي تحتاجها الدول الاخرى، ما يجعل منهما الى جانب الصناعة الرقمية التكنولوجية التي يتميز الاردن بانه الاكثر تاهيلا ليكون احد اهم منتجي ادواتها- بوجود أكثر من 600 شركة عاملة – مصادر اضافية للدخل ومشاريع جديدة للاستثمار وقطاعات واعدة لتشغيل الايدي العاملة باجور مرتفعة .
هذا يقودنا مباشرة لتركيز جلالة الملك على الطبقة الوسطى؛ ضابط الايقاع الحقيقي للمجتمع اقتصاديا وثقافيا وسياسيا واجتماعيا، فالملك هنا يوجه الحكومة الى ان تتخذ من السياسات، وان تعد من البرامج والخطط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ ما يعيد بناء هذه الطبقة التي اصبحت اقلية -وربما تمثل اقل من 30%-لتلعب دورها وفق شروط جديدة، ومعطيات اكثر اتساقا في النهوض الاقتصادي والاجتماعي، اذ بدون طبقة وسطى عريضة ومتنوعه ومتزايدة فان المجتمع ينقسم على نفسه بين فئة غنية تزداد غنا، وفئة فقيرة تزداد فقرا، لتكون الضحية الحياة المدنية الواسعة والاقتصاد الخاسر الاكبر ما يعني تراجع فرص التقدم واضمحلال امكانيات البناء وخمول الانشطة وركود الاسواق وتراجع النمو الاقتصادي وانعدام قابلية المجتمع للنمو مستقبلا.
توجيهات الملك مستمرة ايضا بخصوص الشراكة الحقيقية والمؤسسية بين القطاعين العام والخاص، صحيح ان كورنا غيرت الاولويات لكنها لم تغير الضرورات وفي مقدمتها ماسسة الشراكة بين الطرفين، فبدون قطاع خاص قوي وقادر ومنتج ومشغل للايدي العاملة ومكتشف للفرص الاقتصادية ومستثمر فيها؛ لن يكون هناك قطاع عام متفاعل وعصري ومبتكر وقادر على ايجاد الحلول للمشكلات؛ او تحمل الاعباء، او زيادة ايراداته المحلية بانواعها المختلفة، وبالتالي انخفاض عجز الموازنة، وتقليل الحاجة للديون، وتوفير الفوائد عليها والتي تزيد في هذا العام عن مخصصات النفقات الاستثمارية باكثر من 270 مليون دينار . هنا يركز جلالة الملك عن المقارنة بين النمو الاقتصادي الذي يحتاج الى موارد واستثمارات يمكن ان تتوفر او لا تتوفر او تتوفر ربما باقل ما يستدعيه هذا النمو، وبين الاصلاح الاداري الذي لا يحتاج الا الى ارادة وبرامج وخطط، وكان جلالة الملك يقول، ان النمو الاقتصادي قد يكون مرهونا بامور خارج ايدينا، لكن الاصلاح رهن ايدينا، وكل ما يحتاجه رؤية حصيفة، وقدرة على تلمس الحاجة منه، وكيفية ادارته، ومع ذلك فنحن لم نقم به او لم نستطع القيام به حتى الان. وكاني بجلالة الملك يقول انه لا اعذار امام اصلاح الادارة لتكون اكثر حيوية ولياقة وقدرة على مواكبة التحديات لان الامر بايدينا.
تصريحات واقوال وتوجيهات جلالة الملك، تكفي لان تكون خطة عمل متكاملة، وكل ما تحتاجه اسس جديدة في التفكير، ومعايير شفافة يتم الاستناد عليها للعمل بموجبها، واهداف قابلة للقياس وللتحقيق ويمكن التاكد من انجازها .المهم ان نبدا وان نعمل ونمضي قدما وان نستثمر امكانياتنا وهي ليست قليلة ان احسن استثمارها في الوقت والظرف المناسبين وهما متاحان الان رغم ضبابية المشهد فالشاطر من يرى ليس الفرص فقط وانما اشباهها ويغتنمها.
خالد الدجاني
بدوره اكد الخبير الاقتصادي خالد الدجاني على اهمية ان تترجم الحكومة المضامين التي تحدث بها جلالة الملك عبدالله الثاني في مقابلته مع وكالة الانباء الاردنية كما وان على الحكومة ان تلتقط الاشارات الملكية الخاصة بالشان الاقتصادي والتي يطرحها الملك محليا وخلال جولاته المختلفة وان تعمل على إيجاد حلول وبدائل للازمة الاقتصادية الراهنة بعيدا عن جيب المواطن.
وقال ان جلالته وجه الحكومة وبشكل صريح إلى محاربة الواسطات والمحسوبيات لما لها من دور سلبي في هدر الفرص والطاقات الإيجابية بالاضافة الى وقف الهدر في المال العام، من خلال استقطاب شخصيات معروفة بقدرتها على العمل ومحاربة الفساد، وبما يمكن من اعادة الثقة المفقودة بين الحكومة والمواطن.
واشار ان على الحكومة التعامل مع التحديات الموجودة وفق اطر واستراتيجيات مرتبطة ببرامج وموشرات قياس اداء تراعى مصالح المواطنين وحاجة الدولة في ظل الاوضاع القائمة.
وشدد على اهمية تفعيل التشريعات الناظمة للعملية الاستثمارية وذلك من خلال التشاركية بين القطاعات وفتح باب الحوار ومرونة التشريعات بحيث تلبي حاجات وتطلعات المستثمرين وخاصة في المناطق والمحافظات البعيدة عن العاصمة عمان وبما ينعكس ايجابا بتوفير فرص عمل في تلك المناطق وتقليل معدلات الفقر والبطالة.